الأحد، 12 فبراير 2012

ماذا يعني تطبيق الشريعه ؟

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ،،
ماذا يعني تطبيق الشريعه ؟
الحلقه الواحه والعشرون
إن المبدا الراسمالي قد إستمر إلى يومنا هذا مطبقاً ليس إقراراً بصحته بل لأنه لايوجد بديل مطبق خاصة وأن المسلمين أصحاب المبدا الاصيل الحقيقى قد تقاعسوا عن دورهم فى طرح البديل الحضارى للبشرية لإنقاذهم من عفن الرأسمالية لعدم وجود دوله اسلاميه حقيقيه تحمله وتنشره وتطبقه، ومع ذلك فالشعوب الغربية بلغ بها الضجر من هذا المبدأ مبلغه مما أضطر السياسيين أن يقوموا بترقيعه بأشياء ليست منه ، وأكبر إنقلاب بدأ فى عهد المحافظين الجدد حين إضطرت الرأسمالية أن تتحالف مع الكنيسة ليس حباً فيها وإنما محاولة لركوبها علها تستطيع أن تعالج الخواء الروحى الذى دب فى الشعوب الغربية. ومع ذلك فأعداد الغربيين الذين يدخلون الإسلام يومياً فى تزايد وهذا مما أخاف الكنيسة الغربية وجعلها تقبل بهذا التحالف مع الرأسمالية التى أزاحتها من الحياة وكل منهم يظن أنه يحقق مكاسب على حساب الأخر ولكن هذا تحالف المفلسيين الذى لن يخرجهم من أزمتهم.وكذلك الازمه الاقتصاديه التي لا زالت جاثمه في الدول الغربيه وامريكا وتنازل الراسماليه عن ثوابتها حيث دعمت الحكومات الشركات الخاصه والبنوك واصبحت كالنظام الاشتراكي ومنه الشيوعي وهذا هو الفشل بعينه فالنهضه على اساس المبدا الراسمالس خاطئه ونتائجها ملموسه لكل ذي بصر وباعتراف اصحابها أما الإسلام فقد أتى بعقيدة أجابت للإنسان عن تساؤلاته بما يخص الكون والإنسان والحياة فقالت أن الكون والإنسان والحياة مخلوقة لخالق وأن الحياة فى الدنيا ليست أزلية وأعطت جواباً بما يتعلق بالغاية منها حين أقرت بأن الله خلق الإنسان من أجل عبادته " وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ" الذاريات 56 ، وأن الموت يتبعه حساب يفضى إما إلى الجنة وإما إلى النار وهذه هى حياة الخلود ولذلك فالسعادة الحقيقية التى يبحث المسلم عنها فى الدنيا هى نوال رضوان الله ، وبناءاً على هذه العقيدة إنبثقت أنظمة حياة شاملة تنظم الحكم والإقتصاد والعقوبات والسياسة الخارجية وغيرها ، كانت كلها وحياً من عند الله خالق الإنسان والكون والحياة ويظهر فى كل تفصيلاتها إنبثاقها عن هذه العقيدة . لذلك كان الإسلام أيضاً مبدأً ولكنه يختلف عن غيره من المبادىء بأنه المبدأ الوحيد الذى نزل به الوحى وليس مصدره الإنسان ، لهذا فهو ليس ردة فعل على واقع معين بل هو الجواب والمعالجة التى أرسلها الخالق إلى خلقه لينظموا حياتهم على أساسها وقد أحدث الإسلام بوصفه مبدأً نهضة فى المجتمع الذى قام على أساسه نقلت العرب من قبائل متناحرة إلى قادة دانت لهم الدنيا في اقل من مائه عام ويوضح جعفر بن أبى طالب فى قوله للنجاشى هذا الواقع حيث قال :‏ أيها الملك كنا قومًا أهل جاهلية ؛ نعبد الأصنام ونأكل الميتة، ونأتى الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسىء الجوار، ويأكل منا القوى الضعيف، فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولًا منا، نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه، فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش، وقول الزور، وأكل مال اليتيم ، وقذف المحصنات ، وأمرنا أن نعبد الله وحده ، لا نشرك به شيئًا ، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام ـ فعدد عليه أمور الإسلام ـ فصدقناه ، وآمنا به ، واتبعناه على ما جاءنا به من دين الله ، فعبدنا الله وحده ، فلم نشرك به شيئًا ، وحرمنا ما حرم علينا.بما أن الكون والإنسان والحياة حقيقة موجودة لذلك لايتصور أن تكون هناك أجوبة مختلفة عنها سوى جواب واحد الذى يفسرها وهذا الجواب قد أتى به الوحى ، لذلك لايمكن وجود أكثر من نهضة صحيحة سوى التى أوجدها الإسلام بينما النهضات الخاطئة يمكن أن تتعدد كتلك التى أوجدتها الإشتراكية أو التى أتت بها الرأسمالية ، لهذا فالإسلام هو المبدأ الوحيد الذى أوجد نهضة صحيحة إستمرت أربعة عشر قرناً من الزمن وقد إنتشر الإسلام إنتشاراً سريعاً لأنه إمتلك العقول والقلوب بعقيدته التى يقبل عليها أى إنسان ، وأنظمة حياته التى تتفق مع فطرة الإنسان التى فطره الله عليها " فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ" الروم 30 . لذلك تميزت الأمة الإسلامية بأنها قد نهضت بالوحى ، وظهر أثر الإلتصاق بما نزل به الوحى على قوة الفرد والمجتمع والدولة ، ففى مراحل الإسلام الأولى منذ عهد الرسول حتى نهاية عهد الخلفاء الراشدين كانت الدولة فى أقوى حالاتها لأن الفهم للإسلام كان واضحاً ، والإلتصاق بما نزل به الوحى كان إلتصاقاً قوياً ولم يبتعد عنه قيد أنملة اذا فالإسلام هو المبدأ الوحيد القادر على إنهاض الإنسان والمجتمع والدولة نهضة صحيحة لأنه وحى ومصدره الخالق المدبر ، ولذلك لن تنهض الأمة إلا أن تعيد طراز حياتها حسب الإسلام فتعيد الربط بين سلوكها وعقيدتها أما إذا حاولت أن تستورد أنظمة غريبة عن الإسلام بحجة أنها لاتخالف الإسلام فإنها تكرس بذلك إنحطاطها ، وصدق عمر رضى الله عنه حيث قال " نحن قوم أعزنا الله بالإسلام وإن إبتغينا العزة فى غيره أذلنا الله ".يتبع :

ماذا يعني تطبيق الشريعه؟

ماذا يعني تطبيق الشريعه؟
الحلقه العشرون:
النهضه الصحيحه والخاطئه
لم يختلف المفكرون والفلاسفة على أن أساس النهضة هو الإرتفاع الفكرى ولايمكن أن تحدث نهضة فى أى مجتمع إلا بوجود فكرة كلية عن الكون والإنسان والحياة تجيب للإنسان عن كل تساؤلاته التى تتعلق بوجوده فى الحياة والغاية منها ، أى وجود عقيدة لديه ، وبوجود نظام شامل ينبثق عن هذه العقيدة ينظم للإنسان حياته فى كل جزئياتها بناءاً على هذه العقيدة ، أو بكلمات أخرى وجود المبدأ هو سبب وجود النهضة. وعلى هذا الأساس وجدت نهضة على أنقاض روسيا القيصرية بعد بلورة الإشتراكية كمبدأ وحملها الإتحاد السوفيتى كدولة ، وفى أوروبا الغربية وجدت نهضة بعد صياغة الرأسمالية أيضاً كمبدأ صار عليها الغرب بعد عصوره المظلمة إلى يومنا هذا ، وفى كلتا الحالتين لاينكر أحد أن الإتحاد السوفيتى وأوروبا الغربية قد إنتقلتا من مرحلة الإنحطاط إلى مرحلة النهضة بعد صياغة مبدئيهما .الا ان هناك فرق بين النهضات لا ختلاف المبادئ الموجوده في العالم وهي الاسلام وهو غير مطبق في اي دوله والاشتراكيه ومنها الشيوعيه في الصين وروسيا والراسماليه الموجوده في اوروبا وامريكا ودول اخرى ومن هنا كان هناك نهضة صحيحة وأخرى خاطئة ؟ فالمبدأ الصحيح يؤدى حتماً إلى النهضة الصحيحة والمبدأ الصحيح هو ذلك المبدأ الذى يستند إلى عقيدة صحيحة تقنع العقل وتتفق مع فطرة الإنسان التى خلق عليها وبالتالى تملأ قلبه طمأنينة وتمنحه السعادة الحقيقية وليست تلك السعادة المتوهمة. أما المبدأ الذى يقوم على عقيدة خاطئة فإنه وإن كان قادراً على إحداث نهضة فى المجتمع الذى نشأ فيه إلا انها نهضه خاطئه ولو كان هذا المبدأ قابلاً للتطبيق بقدر مافى المجتمع من ظروف مواتية لذلك تمنحه هذه القدرة على التطبيق بوصفه ردة فعل على الواقع. فالشيوعية أتت بعقيدة أنكرت وجود الخالق وهذه الفكرة لاتقنع العقل الإنسانى الذى يقطع بأن وراء الكون والحياة والإنسان خالق خلقها ، وتعارضت أيضاً مع فطرة الإنسان المتدين غريزياً نتيجة إحساسه بالعجز والنقص والإحتياج تجاه الخالق. فكان المبدأ الإشتراكى الذى بنى على هذه العقيدة مبدأً خاطئاً وبالرغم من أنه أوجد نهضةً إستمرت لسبعين عاماً إلا أنه لم يستطع البقاء أكثر من ذلك لأنه مبدأ خطأ وحين يكتشف أصحاب المبدأ مخالفته لعقولهم ومناقضته لفطرتهم ينقلبون عليه بعد أن كان السبب فى نهضتهم.أما المبدأ الليبرالى (الرأسمالى) فإن عقيدته التى بنى عليها هى عقيدة فصل الدين عن الحياة التى لم تعطى جواباً قاطعاً فى مسألة الخلق بل تركتها للإنسان فمن يؤمن بأن هناك خالق فليؤمن ومن يكفر فله ذلك إلا أنها قد فصلت وجود الخالق فى حالة الإقرار بوجوده عن الحياة ، وقالت أنه ليس للخالق دخل بحياتنا ، والإنسان هو الذى ينظم حياته بعيداً عن خالقه ، وصورت الغاية من الحياة بأنها إشباع أكبر قدر ممكن من المتع الجسدية وبالتالى تتحقق سعادة الإنسان . وبناءاً على هذه العقيدة إنبثق نظام يظهر فى كل تفاصيله تأثره بعقيدته فنجد فكرة الحريات مقدسة عند الغربيين لأنها من جنس عقيدتهم التى ترفض أساساً تدخل الخالق فى حياة الإنسان، ونجد فكرة الديمقراطية التى هى حكم الشعب للشعب متفقة مع عقيدتهم التى ترفض أن تخضع إرادة الإنسان لخالقه . وبالتالى نجد أن كل أنظمة حياته يظهر فيها تأثرها بعقيدته التى تفصل الدين عن الحياة . وبناءاً على هذا المبدأ إنتقل الغرب من عصوره المظلمة التى سيطرت فيها الكنيسة ورجال الإقطاع إلى عصر النهضة الغربية ومازال إلى يومنا هذا يمارس حياته بناءاً على هذا المبدأ.وبمحاكمة هذا المبدأ الذى كان سبباً فى نهضة الغرب نجد أن العقيدة التى يقوم عليها عقيدة خاطئة لأنها قد أعطت جواباً خاطئاً عن الكون والإنسان والحياة حين أنكرت دور الخالق فى هذه الحياة ولذلك فهى لاتقنع العقل ولاتتفق مع فطرة الإنسان الذى يشعر بالعجز والإحتياج إلى الخالق الذى خلقه، وبالتالى فإن كل الأنظمة التى إنبثقت عن هذه العقيدة خاطئة أيضاً. ونظرة إلى المجتمعات الغربية ترينا أن هذا المبدأ لم يستطع أن يحقق لهم السعادة الحقيقية والإطمئنان الداخلى فإن المجتمعات الغربية تشهد أكبر نسبة إنتحار فى العالم بالرغم من الرفاهية الإقتصادية التى يعيشون فيها ومن يعيش بينهم يدرك المعنى الحقيقى للتعبير القرآنى فى الآية " وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا " طه 124.يتبع : خطا النهضه على اساس المبدا الراسمالي ولم استمر حتى الان مطبقا

ماذا يعني تطبيق الشريعه؟


السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
ماذا يعني تطبيق الشريعه ؟
الحلقه التاسعة عشره .
عقيدة القضاء والقدرفما هو تأثير مسألة القضاء والقدر في حياة المسلم؟إن هذه مسألة تدخل في صلب الايمان. لأن المسلم عندما يعتقد بأن الله سبحانه وتعالى هو خالقه ومدبّره فانه مطالَب بأن يرى مدى هذا التدبير، وحدود مسؤوليته عن الاعمال التي تصدر منه او تقع عليه في اطار هذا التدبير، ليتبين ما له وما عليه، فيستزيد مما له ويتجنب ما عليه.فعندما يتضح له ان حدود هذه المسؤولية تقع في اطار الاعمال الارادية، أي التي تقع من الانسان او عليه بارادته، وأنه يتحمل الحساب والعقاب على ما يفعله بارادته واختياره فقط، بينما ما يفعله بغير ارادته واختياره، او يقع عليه بغير ارادته واختياره فانه لا يقع ضمن مسؤوليته ولا يحاسب عليه – عندما يتضح ذلك كله - فانه يطمئن لمدى اعمال القضاء، اي التي قضاها الله بحكمته على عباده، ولمدى خاصيات القدر، أي التي قدّرها الله بحكمته في الاشياء الحية وغير الحية، يتحدد له مدى القيام بالاعمال او تركها، ويطمئن لعدل الله في حسابه وجزائه.وهنا لا بد من توضيح معنى تدخّل الارادة الالهية، والمشيئة الالهية، والإذن الالهي، والعلم الالهي، والكتابة في اللوح المحفوظ، في اعمال الانسان/ أي هل لهذه، او لأي منها، أي دور في إلزام الانسان بالقيام بفعل او ترك فعل أم ليس لها ذلك؟وللإجابة على ذلك نقول:ان من صفات الله سبحانه الكمال المطلق في العلم بكل شيء، والارادة لكل شيء، والمشيئة بكل شيء … فلا يقع في ملكه شيء الا ويعلمه، ولا يقع في ملكه شيء الا بإذنه، او بمشيئته، او بإرادته. ولكن معنى هذا كله أنه لا يقع في ملكه سبحانه شيء جبراً عنه، لأنه سبحانه قادر وقدرته مطلقة على التدخل لمنع وقوع الشيء، وأنه عندما يتركه ليحصل فقد حصل بإرادته وإذنه ومشيئته وفي إطار علمه. وهو سبحانه عندما خلق الاشياء الحية وغير الحية دبّر كلا منها بتدبير خاص، وهي تمارس عملها بهذا التدبير. فعندما يتركها تمارس عملها تكون ضمن ارادته لأنه سبحانه يملك القدرة على أن ينـزع منها هذا التدبير. وهذا التدبير يأخذ طابع الجبر والإلزام بحق الاشياء والمخلوقات الحية غير الانسان، لأنها لم تختص كالانسان بإرادة ذي طبيعة عاقلة. فالانسان الذي أُعطي مع الخاصيات في غرائزه وأعضائه وعقله إرادةً تتشكل لديه مما اختـزنه من معتقدات في عقله وأعماقه، له ارادة وسيطرة على جانب من أعماله يتحمل المسؤولية الكاملة عنها، فيثاب عندما يوجّهها بأمر الله ونهيه، ويعاقب عندما يوجّهها بغير ذلك.وعليه فان تلك النصوص الشرعية التي تتحدث عن العلم والارادة والمشيئة والإذن والكتابة لا تعني انتزاع ارادة الانسان ومصادرتها منه. وإنما على العكس من ذلك تبقيها لديه وترتّب على بقائها والمحافظة عليها المسؤولية والمحاسبة. والله تعالى يقول "لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت" ويقول "ولا يظلم ربك أحدا".وأما تهجّم أعداء الاسلام على المسلمين بحجة أن عقيدتهم في القضاء والقدر هي من أهم اسباب قعودهم عن العمل وتخلُّفهم عن الأمم، وأنه لا بد من التخلص من هذه العقيدة حتى يتخلصوا من تخلُّفهم ويسيروا في طريق النهضة والارتقاء … فان هذا التهجم مردود وساقط حتماً بوضوح مسألة القضاء والقدر. وذلك عندما يدرك المسلم تمام الادراك أن الله سبحانه قد خلق هذا الوجود ودبّره بنظام محكم، يقوم على ارتباط النتائج بأسبابها، وأنها لن تتخلف الا اذا كان هو سبحانه فعل ذلك كمعجزة لأحد من الأنبياء. وأما في الحياة العادية وسيْرها فسنّة الله في خلقه هي ارتباط النتائج بأسبابها فمثلا: لا نصر في المعركة دون أخذ أسبابه من الإعداد المادي والروحي. ولا نجاح في امتحانٍ دون دراسة جادة، ولا إنتاجاً زراعياً وفيراً الا بالعناية الزراعية. فعقيدة القضاء والقدر توضح للانسان ان الحياة مفتوحة بجميع مجالاتها أمامه. وانها كلها نتائج رتبها الخالق سبحانه بتدبيره على أسبابها. وأي تقاعس عن الاخذ بالاسباب يعني الفشل في الوصول الى النتائج. ولنا في حياة الرسول عليه السلام خير دليل: فنـزول الرماة عن جبل أُحُد كان سبباً للهزيمة، ونزوله عليه السلام وجيشه على ماء بدر ليشربوا ويمنعوا عدوهم كان عاملا من عوامل النصر، وحفر الخندق حول المدينة كان من اسباب النصر، وحرصه عليه السلام على إسلام احد العمريْن من البحث عن اسباب النصر، وذهابه عليه السلام الى مضارب القبائل يدعوهم ويتقصّد رؤساءهم من طلب اسباب النصر … ففي ذلك – وأمثاله كثير – عمل بالأسباب للوصول الى نتائجها.هذا هو الاسلام، وهذا هو ما يقتضيه الفهم الصحيح لعقيدة القضاء والقدر. وأي قعود عن الأعمال بحجة أنها من علم الله منذ الأزل، أو انها من إرادة الله ومشيئته وإذنه، يعتبر من الخروج عن العقيدة الاسلامية الحقّة ويكفي أن نتذكر أنه لو استسلم المسلمون منذ عهد الرسول عليه السلام، وطيلة عهود الخلافة والفتوحات الاسلامية، لمثل هذه النظرة الغيبية، او ما يسمى بالقدرية الغيبية، لما تحققت لهم تلك الفتوحات، ولما انتشر الاسلام في أركان المعمورة بتلك الصورة المذهلة.فاتقوا الله ايها المسلمون في عقيدتكم، وخلّصوها مما علق بها من شوائب. واعلموا ان قضاء الله وقدره يقفان بجانبكم ويشدّان من أزركم. فانطلقوا في الأخذ بزمام نهضة أمتكم أولاً ثم إنقاذ شعوب الارض أخيراً. ولا تركنوا الى الذين ظلموا فتبوءوا بخيبة الدنيا والآخرة … والله وحده الميسِّر لكم تحقيق أهدافكم ما دمتم على يقين بأنه "ولينصرنّ الله من ينصرُه، إن الله لقويّ عزيز"

ماذا يعني تطبيق الشريعه ؟

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
ماذا يعني تطبيق الشريعه ؟
الحلقه الثامنة عشره .
عقيدة القضاء والقدر
بعد أن أشرنا في الحلقة السابقة الى دور المشاعر في إحداث الأفعال من الانسان، وانها من حيث وجودها مجرد خواص مقدرة لا انفكاك منها، ولكن من حيث تدخّلها في إيقاع الفعل ليس لها الا الدفع او الميل اليه، والانسان صاحبها هو الذي يستجيب لهذا الميل او لا يستجيب، وبهذا الشكل او ذاك، الأمر الذي يقودنا للحديث حول تحديد المسؤولية في ذلك كله: فهل المسؤولية بايجاد الميل لدى الانسان، أم ان المسؤولية والمحاسبة هما على إحداث الفعل استجابةً لهذا الميل؟للاجابة على هذا التساؤل نقول: لقد أوضحنا أن ذات الميل ووجوده الملازم لكل غريزة او حاجة عضوية هو القدر। وهذا يعني ان الله وحده هو الذي خلقه في الانسان، فلا دخل للانسان في ذلك، وبالتالي لا حساب ولا مسؤولية في وجوده على احد من البشر وإنما ذلك كله جرى بحكمة الله وحده ومن تدبيره سبحانه لخلقه وهو القائل "لا يسأل عما يفعل وهم يسألون" – الآية 23 من سورة الأنبياء -. وعليه فان المسؤولية وما يتصل بها من محاسبة تبقيان محصورتين بإحداث الفعل او تركه "فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره" – الآيتان 7 و 8 من سورة الزلزلة -. فعندما خلق الله الغرائز وحاجات الاعضاء والاشياء جعل في كل منها خاصيتها التي تتميز بها عن غيرها لكي تؤدي مهمتها في الحياة على الوجه الذي قدّر لها. فهي تبقى مجرد طاقة جاهزة للاستعمال تحت الطلب.وعندما خلق الله الانسان، وخلق له الغرائز والحاجات العضوية خلق له العقل، وخلق فيه خاصية التمييز. وأعطاه القدرة على أن يختار بين القيام بالفعل او تركه. وترك له الارادة بالفعل او الترك. فلا الاشياء في ذاتها تلزم بفعل او ترك، ولا الغرائز في ذاتها تلزم بذلك، ولا الحاجات العضوية في ذاتها تلزم بذلك ايضا، ولا الخاصيات في أي منها تلزم بذلك اولاً وأخيراً. ومن هنا كان للانسان كامل الاختيار بين القيام بالفعل وإحداثه في الواقع وبين تجنب ذلك. وذلك من خلال تدخل خاصية التمييز التي وهبها الله وقدّرها للعقل الانساني. وبالتالي ترتيب المسؤولية والمحاسبة على الانسان عندما توجد لديه هذه الخاصية، أي انه سبحانه وتعالى قد رتّب الثواب على فعل الخير الذي يقوم به الانسان لأن عقله بتمييزه يختار القيام به، تنفيذاً لأوامر الله واجتناباً لنواهيه. كما رتّب سبحانه العقاب على فعل الشر الذي يقوم به الانسان لأن عقله بتمييزه يختار القيام به مخالفاً لأوامر الله ومستجيباً لدوافع الغرائز والحاجات العضوية على غير الشكل الذي حددته أوامر الله ونواهيه.وهنا يبرز أمامنا التساؤل التالي: بعد أن أصبح واضحاً دور الغرائز وحاجات الاعضاء والاشياء في إحداث الافعال او تركها من خلال خصائصها، وأن ذلك مرتبط بإرادة الانسان واختياره القائم على خاصية التمييز الموهوبة للانسان، نتساءل عن صلة ذلك كله بمسألة القضاء والقدر، من جهة، وتأثير علم الله وارادته ومشيئته في ذلك، من جهة ثانية، وأثر ذلك في حياة الانسان، من جهة أخيرة ؟؟؟أما صلة الغرائز والحاجات العضوية والاشياء، وما في كل منها من خاصيات، والعقل وما فيه من خاصية، بمسألة القضاء والقدر كجزء من عقيدة المسلم وإيمانه، فهي ان الله تعالى قد خلق هذه كلها، وأن الانسان لا أثر له في هذا الخلق، وما عليه الا ان يؤمن بذلك من باب إيمانه بأنه تعالى "لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون". وبهذا تكون الخاصية المخلوقة في كل واحدة منها كقدر لها لا أثر للانسان في وجودها ولكن أثره يظهر باستعمالها على وجه معين، أي بأعمال معينة. وهذه الاعمال إما ان تكون مسيطرة عليه ولا إرادة له في إيقاعها، سواء كانت مما يقتضيه نظام الوجود أم لا، او يكون هو مسيطراً عليها. فاذا كانت من المسيطرة عليه كانت هي القضاء. وهكذا يظهر ان القدر هو الخاصيات المخلوقة في الاشياء والعقل والغرائز والأعضاء البشرية الاخرى. وأن القضاء هو الاعمال التي تقع إما ضمن نظام الوجود او لا، من الانسان او عليه، دون ارادة منه، وذلك وفقاً للخاصيات المقدرة في هذا الوجود. فالقدر يُعِدُّ الاشياء بجميع انواعها في هذا الوجود للاستعمال، والقضاء يفرض على الانسان ان يستعملها على وجه معين دون ارادة منه، دون ان يستطيع جلبها ولا دفعها، فهو إذن غير مسؤول عنها ولا محاسب عليها ما دامت خارجة عن ارادته واختياره. وأما عندما يستخدمها بارادته واختياره، أي على الوجه الذي يريده ويختاره، فانه يكون مسؤولاً عنها ومحاسباً عليها "كل نفس بما كسبت رهينة"، "كل امرئ بما كسب رهين" ، "لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت".وبهذا تظهر صلة مسألة القضاء والقدر بذلك، وأما علم الله وإرادته ومشيئته وصلتها بمسألة القضاء والقدر، فان علم الله سبحانه الذي تشير اليه العديد من النصوص فانه يعني إحاطته سبحانه المطلقة بكل الوجود، وما يقع فيه من أعمال، سواء كان حدوثها بارادة الانسان او بغير ارادته. فلا علاقة للعلم بوجود الاشياء من حيث الإيجاد، لأن هذا مرتبط بالخلق لها، وإنما علاقته بها من كونها ستوجد وموجودة وينتهي وجودها بشكل كذا ووقت كذا. وأما ارادته او مشيئته سبحانه التي تشير اليها نصوص اخرى فانها تعني انه لا يوجد ولا يقع شيء مهما كان نوعه، ولا خاصية لشيء مهما كان وضعها، في هذا الوجود، الا ويكون وجوده او وقوعه ليس بالرغم من الله سبحانه، سواء كان الفعل من القضاء والقدر الذي لا ارادة للانسان فيه او من الافعال الاختيارية التي تصدر وفق ارادة الانسان. فلا علاقة للارادة الربانية بوجود الافعال الجبري الا تلك الداخلة في اطار القضاء والقدر، وذلك من باب كونها توجد بأمر الله سبحانه ودون ارادة واختيار من الانسان. وأما الافعال الداخلة في ارادة الانسان فارادة الله بالنسبة لها من باب كونها لا تقع جبراً عن الله سبحانه لأن ارادته تعالى مطلقة وتملك التدخل، كما هو في شأن القضاء، فتمنع الفعل المراد من الانسان او تفرض وقوعه على شكل آخر، وكونها لم تتدخل وتركت للانسان ان يوقع الفعل او يتركه فقد فعل الانسان الفعل بارادته وبإذن الله تعالى في آنٍ واحد. وهنا تظهر صلة القضاء والقدر بعلم الله وارادته ومشيئته.وأما أثر مسألة القضاء والقدر على حياة الانسان فانه عندما تصبح حقيقة الاشياء وخصائصها بجميع انواعها وأحوالها واضحة مفهومة للانسان يدرك ما له وما عليه. ويعرف ما يجب ان يكون موضع ايمان وتصديق واعتقاد، وما يجب ان يكون موضع عمل وفعل. فينطلق في هذه الحياة غير هيّاب ولا وجل ليملك ناصية الاشياء ويستخدمها بكل ما تسمح به او يمكن ان يُكتشف من سماحها، وذلك وفقاً لأوامر الله ونواهيه ودون ان يسمح لتدخل الأمور الغيبية في إقدامه للحصول على النتائج بأسبابها وفقاً لهذا الناموس والنظام الذي وضعه الله لهذا الوجود، معتمداً في ذلك على ما وهبه الله من قدرات على إدراك الاشياء وخصائصها، ومتوكلاً عليه سبحانه ليعينه في هذه الحياة الدنيا على ضعفه ليتمكن من المزيد من المعرفة للأشياء بكل انواعها، وخصائصها بكل اصنافها، وبالتالي المزيد من العطاء والإعمار في هذا الكون. وهنا يظهر مدى أهمية وضوح مسألة القضاء والقدر في حياة المسلم من أنها ستكون عامل دفع قوي جبار له، وليس عامل كسل وقعود عن العمل والإعمار.يتبع.........

ماذا يعني تطبيق الشريعه ؟

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
ماذا يعني تطبيق الشريعه ؟
الحلقه السابعة عشره .
عقيدة القضاء والقدر
وقفنا في الحلقة السابقة حول هذه المسألة على موضوع القضاء وأنه كل الافعال التي توجد او تقع، سواء كانت ضمن نظام الوجود أم لا، دون أن يكون للانسان أي دخل فيها و لا ارادة له في وقوعها او دفعها، وهو مسيّر فيها، ولا يملك جلبها او دفعها. ونقف الآن على موضوع القدر.إننا عندما نرى الأفعال القضائية او الإرادية، أي التي تسيطر على الانسان او التي يسيطر عليها، لا تقع الا من أشياء و على أشياء من مادة الكون والانسان والحياة، ندرك ان الأفعال كلها مادية، وأن الناموس العام الذي خلق الله تعالى الوجود عليه هو الذي يمكّن من وجود او وقوع هذه الأفعال من الاشياء، فماذا في هذه الاشياء؟لو دققنا في كل شيء لوجدنا أنه قد اختص بميزة لا توجد لدى غيره. وأن هذه الميزة او الخاصية هي التي تمكّنه من وقوع الفعل منه او عليه. وأن الله تعالى الذي خلق نظام الوجود هو الذي خلق لكل شيء ميزته الخاصة. فخاصية الإحراق في النار، وخاصية الاحتراق في الخشب، وخاصية القطع في السكين، وخاصية الانقطاع في اللحم، كلها خواص خلقها الله تعالى في هذه الاشياء وجعلها حسب نظام الوجود ملازمة للأشياء و لا تتخلف عنها. ولو تخلفت لكان ذلك بسبب تدخّل الخالق المدبر سبحانه مباشرة، وهو أمر خارق للعادة، كما حصل لكل الأنبياء وكان من معجزاتهم. فالنار ما كانت لتترك ابراهيم عليه السلام وقد ألقي فيها دون أن تحرقه ويحترق هو فيها لولا تدخّل الله سبحانه وأمره تعالى لها "يا نار كوني برداً وسلاماً على ابراهيم". وخاصية السيولة في الماء، وخاصية التجمد في الثلج، هما خاصيتان لا تتخلفان الا بمعجزة لنبيّ، فقد أنشق ماء البحر وظهر كأنه تجمّد معجزة لموسى عليه السلام "فأوحينا الى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم".هذا بالنسبة للأشياء الكونية، وما خلق الله سبحانه لها من خواص لا تتخلف. وأما بالنسبة للأشياء البشرية من دماغ وغرائز وأعضاء اخرى، فقد خلق الله لكل منها خاصية معينة ايضاً، وجعلها ملازمة لها حسب نظام الوجود. فالدماغ خلق فيه خاصية التفكير، وغريزة النوع خلق فيها خاصية الميْل الجنسي، وغريزة البقاء خلق فيها خاصية حب الذات، وغريزة التدين خلق فيها خاصية الميْل للتقديس. وجعل لكل خاصية من هذه الخاصيات مظاهر متعددة تظهر فيها في الواقع لتؤدي مهمتها في الحياة. وهذه الخاصيات في الغرائز والاعضاء، وتلك في الأشياء، خلقها كلها الخالق المدبر سبحانه، وقدّر فيها خاصياتها المميزة لكل منها، و لا أثر للانسان في ذلك. الأمر الذي يفرض على الانسان المسلم بالذات أن يعتقد صادقاً ويؤمن مخلصاً بأن الله تعالى وحده هو الذي قدّر هذه الخاصيات في كل الأشياء خارج الانسان و داخله.والسؤال الآن: الى أي مدى تُلزم هذه الخاصيات الانسانَ على أن يقوم بها بأعمال معينة؟ بمعنى هل من طبيعتها أن تجبر الانسان على ان يقوم بها بأعمال محددة دون غيرها فيكون مسيَّراً لا مختاراً ؟عندما نقرأ قوله تعالى في سورة الشمس –الآيات من 7 الى 10 – "ونفس وما سوّاها، فألهمها فجورها وتقواها، قد افلح من زكاها، وقد خاب من دسّاها" ندرك ان الخالق المدبر سبحانه عندما خلق النفس البشرية، وسوّاها في أحسن تقويم، ألهمها أي خلق فيها القدرة على الفجور والقدرة على التقوى. أي أنه سبحانه جعل بتدبيره الحكيم للانسان في غريزة التدين الخاصية المميزة لها وهي القدرة على أن تفجُر وتعصي الأوامر الالهية فتكون أعمالها شراً، او تتقي وتطيع أوامر الله فتكون أعمالها خيراً. فلم يكن إلهامه سبحانه للنفس وتدبيره لها بسلب استطاعتها الاختيار بين الشر والخير وإنما بوضعه في أعماقها. ولذلك نجده تعالى يحمّل النفس الانسانية مسؤولية ما يصدر عنها من اعمال. فيرتب الفلاح والخير عندما تقدم على الاعمال الطيبة، كما يرتب الخيبة والشر عندما تقدم على الاعمال السيئة. ففي الخاصيات التي أودعها الله سبحانه في الاشياء والغرائز والاعضاء البشرية القابلية على ان تدفع الانسان ليقوم بأعماله وفقاً لأوامر الله او مخالفة لها دون أن تجبره على عمل معين او محدد بالذات. وإنما تدفعه فقط لاستخدام الأشياء تبعاً لما في الواحد منها من خاصية، وللاستجابة للغريزة او حاجة العضو تبعاً لما في هذه او تلك من خاصية مميزة. وبهذا يظهر جلياً أن الخاصيات لا تفرض على الانسان أي عمل من باب الإجبار او الإلزام وإنما دورها يبقى محصوراً في مجال الدفع للإشباع ليس غير.صحيح أن خاصيات الأشياء والغرائز والأعضاء البشرية ملازمة لها بشكل لا يمكن أن تنفكّ عنها ولا تتخلف، بحيث يظهر أثرها على نتيجة كل فعل يصدر عن الانسان. ولكنها تبقى دائماً طوع بنان الانسان ليستعملها متى شاء. فهو الذي يوجِد العمل بها، وهو الذي يمتنع عن ايجاده. فغريزة النوع بما فيها من خاصية الميْل الجنسي تقدم للانسان مجال استعمال هذا الميْل عندما يدفعه لإشباعه. ولكن هذا الميْل، وما فيه من دافع، لا يفرض على الانسان ان يشبعه بشكل دون آخر. لأن في هذا الميْل القابلية للإشباع بأكثر من شكل، أي فيه القابلية ليفسح للانسان المجال لاستعمال عدة خيارات. فهو كميْل، ملازمٌ للغريزة، ولكنه عند الدفع للإشباع، لا يُلزم صاحب الغريزة بالإشباع حسب اوامر الله او مخالفاً لها. فالانسان الذي يحمل الغريزة كطاقة حيوية ملازمة لها خاصية الميْل للإشباع، هذا الانسان هو الذي يُحدث الاعمال للإشباع سواء كانت خيرا او شرا.ولكن كيف تتخذ هذه الاعمال للإشباع شكل الخير او الشر ؟؟ سؤال نجيب عليه فيما يلي:إن الله سبحانه وتعالى كما خلق في الغريزة خاصية الميْل لإشباعها، وجعل في هذا الميْل القابلية للاشباع بطريق الخير او الشر، خلق للانسان العقل وقدّر فيه خاصية التمييز والإدراك، فقال "وهديناه النجدين" أي جعلنا فيه القدرة العقلية لإدراك طريقي الخير والشر .. فعندما تدفعه الغريزة او حاجة العضو للإشباع يتولى العقل بتمييزه بين الخير والشر ضبط وتوجيه الاستجابة للإشباع. فإن كان صاحب العقل يختزن في عقله عقيدة الاسلام، وما تفرضه من حلال وحرام، فانه يوجه الاستجابة وفق أوامر الله ونواهيه. وإن كان يختزن عقائد اخرى فانه يوجه الاستجابة وفقاً لما تراه من أوامر ونواهي. فصاحب العقل هو الذي يُحدث فعل الإشباع سواء كان حلالاً او حراماً وفقاً لخياراته العقلية. أي أن عملية إختزان المعتقدات بجميع انواعها في العقل هي عملية يُجريها الانسان بإرادته واختياره وقناعته ثم يختزنه ليتخذه ضابطاً وموجّهاً في إشباعاته. وعليه فان التمييز بين الخير والشر كخاصية للعقل قدر ملازم له، ولكن فعل الخير والشر يقرره صاحب العقل فقط، وما خاصية التمييز الا عوناً له لتعريفه بالطرق والخيارات المتوفرة أمامه.ولكن اين دور المشاعر في هذا الضبط والتوجيه؟للجواب على ذلك نقول: ان المشاعر هي الميول والدوافع، فتبقى على فطرتها تتجه نحو خالقها حتى يتدخل الانسان بما يختزنه من عقائد في عقله. فإما ان يستجيب للفطرة فيشكّل مشاعرها بما يقتنع العقل به من عقائد صحيحة، فتكون مشاعر اسلامية، او بعقائد اخرى غير اسلامية. ثم تتركز هذه المشاعر، مع طول الممارسة، وتشكل نفسية صاحبها على وصف معين بقدر ما يحرص على الترابط بين مفاهيم معتقداته وميول غرائزه وحاجاته.يتبع.......

ماذا يعني تطبيق الشريعه ؟

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ،،
ماذا يعني تطبيق الشريعه ؟
الحلقه السادسة عشره
عقيدة القضاء والقدر
وعند التدقيق في هذه المسألة يظهر ان اساسها هو موضوع الثواب على الفعل والعقاب عليه، وليس أي شيء آخر।وبالوقوف عند العديد من الآيات الكريمة التي يستدل بها على مسألة القضاء والقدر نجد ان هناك مجموعة منها يستشهد بها الكثيرون على اساس ان الانسان مجبور على القيام بأعماله بإرادة الله ومشيئته، وأن الله سبحانه هو الذي يخلق فيه أعماله. فهم لا يكتفون بما تدل عليه أمثال هذه الآيات من أن الأجل بيد الله "وما كان لنفس ان تموت الا بإذن الله كتابا مؤجلا" – الآية 75 من سورة آل عمران-، وبهذه الآية "ولكل أمة أجل، فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون" – الآية 34 من سورة الأعراف-، ولكنهم يستدلون بغيرها على جبرية الاعمال مثل "ما أصاب من مصيبة في الارض ولا في أنفسكم الا في كتاب من قبل أن نبرئها، إن ذلك على الله يسير" – الآية 32 من سورة الحديد- وقوله تعالى "قل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا، هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون" – الآية 51 من سورة التوبة-، وقوله تعالى "لا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الارض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر الا في كتاب مبين" – الآية 3 من سورة سبأ-، وقوله تعالى "وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار، ثم ببعثكم فيه ليقضى أجل مسمى ثم اليه مرجعكم ثم ينبئكم بما كنتم تعملون" – الآية 60 من سورة الأنعام-، وقوله تعالى "وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك، قل كل من عند الله فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا" – الآية 28 من سورة النساء-، وقوله تعالى "والله خلقكم وما تعملون" – الآية 96 من سورة الصافات- … ويحاولون ان يدعموا رأيهم بأحاديث شريفة من مثل قوله عليه الصلاة والسلام "نفث روح القدس في روعي: لن تموت نفس حتى تستوفي رزقها وأجلها وما قُدِّر لها".بذلك لا بد من معرفة اساس بحث هذه المسألة:هل هو كون الانسان يخلق فعله، أم الله هو الذي يخلقه، أم هل هو كون الله يعلم بأن الانسان سيعمل عمله ويحيط علمه به، أم هل هو تعلّق إرادة الله بفعل الانسان وأنها تفرض وجوده، أم هل كون فعل الانسان مكتوباً في اللوح المحفوظ وأن هذه الكتابة تلزم بالقيام به؟؟؟وباختصار: هل اساس بحث مسألة القضاء والقدر هو قدرة الله على ايجاد الانسان وفعله، او علمه المحيط بكل شيء، او إرادته المتصلة بجميع الممكنات، او احتواء اللوح المحفوظ لكل شيء؟؟؟عند التدقيق في هذه المسألة يظهر ان اساسها ليس ذلك كله، لأنه لا بد ان يتصل الاساس بموضوع الثواب على العمل والعقاب عليه، لأنه يحدد من يتحمل مسئولية القيام بالفعل: أي القيام بالعمل سواء كان خيرا او شرا: هل الانسان ملزم عليه او مخير فيه، بمعنى: هل لدى الانسان الاختيار في القيام بأي عمل او تركه، او انه مجبر على ذلك سواء كان العمل خيرا او شرا؟؟؟والآن لنتفحص دور الانسان وصلته بالأفعال التي تقع منه او عليه لنرى مدى مسئوليته عن القيام بها وتحمّله الحساب عليها، فنجد ان هناك نوعين من الاعمال:نوع يقوم به باختياره، والنوع الآخر يقوم به او يقع عليه دون اختياره.أما الأفعال التي تجري باختياره فهي مجموعة الاعمال التي يسيطر عليها ويقوم بها بإرادته، آو تتم بتدخّله، سواء كان في اطار شريعة الله او غيرها، وهي قسمان:القسم الاول: هو تلك الاعمال التي يقوم بها لإشباع جوعا ته الغريزية والعضوية بصورة مباشرة، مثل إشباع غريزة التدين بالصلاة، وإشباع غريزة البقاء بالتملك، وإشباع غريزة النوع بممارسة الجنس، وإشباع جوعة المعدة بالأكل … وهكذا.والقسم الثاني: هو تلك الاعمال التي يقوم بها لتحقيق هذا الإشباع بصورة غير مباشرة عندما يضع او يتبنى تشريعات معينة ينظم بها إشباع كل جوعة من جوعا ته بشكل معين. سواء كانت هذه التشريعات يضعها بعقله وتفكيره او يتبنّاها من تشريعات وضعية او تشريعات ربانية.وفي كلا القسمين نجد ان الانسان يقدم على العمل في اي وقت يشاء ويمتنع عنه في اي وقت يشاء، ولا يوجد اي تدخّل خارجي في إرادته عند القيام بالعمل او الامتناع عنه.وأما الأفعال التي تجري دون اختياره فهي مجموعة الاعمال التي لا يسيطر عليها ولا دخل لإرادته في وقوعها او في دفعها عند وقوعها، وهي ايضا قسمان:القسم الاول: هو الاعمال التي تدخل ضمن نظام الوجود من كون وانسان وحياة. فالشخص يعيش ويعمل في هذا الوجود وفق النظام المخصوص الذي يسير عليه الوجود. فالجاذبية مثلا تحكم حركته في هذا الكون، وجوعاته تحكم سعيه للإشباع كانسان، وأطوار نموه تحكم حركته في الحياة. فأعمال نظام الوجود كلها تجري دون اختياره وإرادته، وهو مجبور على مراعاتها والسير وفقاً لها دون اختيار. فلا يستطيع بحكم الجاذبية أن يطير في الهواء دون التغلب بوسيلة ما على ذلك، ولا يستطيع ان يتدخل في مجيئه الطبيعي الى هذه الدنيا او ذهابه منها. ولا أن يحدد لنفسه شكل جسمه او لونه. فكل ذلك لا أثر له كفرد مخلوق في اي شيء منه، لأن الله سبحانه هو الذي خلق نظام الوجود، وجعله على حال ينظم ويدبر هذا الوجود بشكل ثابت ودائم.والقسم الثاني: هو الاعمال التي لا تدخل ضمن نظام الوجود ولكنها تقع من الانسان دون إرادته واختياره. كأن يطلق النار بقصد وإرادة صيد طير، ولكنها تقتل خطأً شخصاً آخر لا علم له بوجوده. أو كأن يسقط شخص وهو نائم من فوق عمارة على شخص آخر فيقتله. هذا من ناحية ان تقع الاعمال من الانسان دون إرادته، وأما أن تقع عليه ولا يملك دفعها، فكالمقتول في الصيد او تحت العمارة وأمثالهما.نلاحظ في كلا القسمين ان الانسان واقع تحت سيطرة هذه الأفعال ولا إرادة له ولا مشيئة لا في وجود أفعال القسم الأول التي تدخل ضمن نظام الوجود، ولا في وقوع او دفع أفعال القسم الثاني التي لا تدخل ضمن نظام الوجود. وهذه الأفعال بقسميها هي التي يطلق عليها اسم "القضاء". ذلك لأن الله سبحانه هو وحده الذي قضاها، أي أمر بوجودها او بوقوعها دون أي صلة او تدخّل من الانسان. وهذا يخرج العبد من دائرة المسؤولية تماماً عن هذه الأفعال سواء ألحقت بالإنسان نفعاً آو ضراً، وسواء أحبها أم كرهها، أي سواء فسرها الانسان حسب قدرته العقلية الناقصة وعلمه المحدود بالخير او بالشر. وهذا القضاء مطلوب من الانسان ان يؤمن به من أنه من الله سبحانه وتعالى ما دام قد آمن به تعالى كخالق ومدبر وليس مجرد خالق فقط.يتبع
:

الأربعاء، 1 فبراير 2012

ماذا يعني تطبيق الشريعه ؟

ماذا يعني تطبيق الشريعه ؟

الحلقه الخامسه عشره
إن الأساس الذي يصلح للنهضة هو الأساس الفكري ، وقد أثبت الواقع صحة ذلك ، فقد كانت القبائل العربية قبل الإسلام قبائل متناحرة متفرقة غارقة في الجهل ، تحولت بفضل اعتناقها للفكرة الإسلامية إلى أمة واحدة قوية منيعة ، واصبح العرب قادة البشرية في جميع ميادين الحياة ، واصبحوا مركز النهضة في العالم ، كما أن النهضة التي حدثت في الدول المتقدمة اليوم قامت على أساس الفكر الاشتراكي أو الرأسمالي ، ولهذا تعرف النهضة بأنها الارتفاع الفكري ، ومعنى الارتفاع الفكري هو الانتقال من الناحية الحيوانية إلى الناحية الإنسانية ، فالفكر المتعلق بالحصول على الطعام فكر ولكنه فكر غريزي منخفض ، والفكر المتعلق بتنظيم الحصول على الطعام فكر ولكنه أعلى من الأول.
لا شك ان جماع الحل لكل مآسي المسلم كفرد وكأمة هو تحقيق النهضة للأمة الاسلامية وبالتالي للمجتمع الاسلامي. فعندما ينهض الفرد المسلم ويرتقي فانه يتخلص من الخلل الذي يسبب له الشقاء، وعندما تنهض الامة الاسلامية وترتقي فانها تتخلص من اسباب الشقاء الذي تعيشه. فكيف ينهض الفرد المسلم، وكيف تنهض الأمة الاسلامية، وبالتالي كيف ينهض المجتمع الاسلامي؟؟

ينهض الفرد المسلم عندما يرتقي فكرياً وسلوكياً في جميع مجالات حياته. وذلك بتوفر المقومات الأربعة التالية اللازمة لذلك في حياته: العقائد السليمة، والعبادات الحقّة، والأخلاق الفاضلة، والمعاملات القويمة. فبالعقائد والعبادات تنتظم علاقته مع ربه، وبالأخلاق تنتظم علاقته مع نفسه، وبالمعاملات تنتظم علاقته مع غيره من البشر. ففي اعتناقه لأفكار العقائد والعبادات والأخلاق والمعاملات يرتقي فكرياً، ويكون رقيّاً صحيحاً اذا كانت كل تلك الافكار صحيحة، ولا يتم ذلك بالطبع الا بما في الاسلام ليس غير، وفي تطبيق هذه الافكار كاملة في أقواله وأفعاله، أي سلوكاته، يرتقي سلوكياً، ويكون رقيّه صحيحاً اذا كانت التطبيقات سليمة كسلامة الافكار.

أن ارتقاء السلوك الفردي يأتي نتيجة لارتقاء افكارهولكن كيف يتم إيجاد الافكار الصحيحة لدى الفرد حتى يتحقق لديه السلوك الراقي، وبالتالي نعتبره قد نهض وارتقى.

صحيح ان نهضة الفرد لا يمكن ان تحقق نهضة الأمة، ولا نهضة المجتمع. لأن الفرد المسلم يبقى عنصراً واحداً من عناصر بناء الأمة او بناء المجتمع. كما تبقى عناصر نهضته و رقيّه تختلف من حيث النوعية وإن التقت من حيث العددية مع عناصر رقيّ الأمة او المجتمع … ذلك ان الأمة، أي أمة، هي عبارة عن مجموعة من الناس الذين يعتنقون افكارا مبدئية معينة، أي عقيدة لها نظامها في الحياة. وهذا بالطبع لا يعني بالضرورة اعتناق هذه الافكار من قبل كل فرد في الأمة، كما لا يعني وجود العبادات والأخلاق والمعاملات اللازمة لرقيّ الفرد ونهضته في حياة كل فرد من افراد الأمة. ولكن المهم ان تعتنق الأمة بمجموعها لا بأجمعها مثل هذه الافكار المبدئية، وتصبح منسوبة اليها، وعندها ستنهض وترتقي، وإن لم ينهض ولم يرتقِ كل فرد من أفرادها بالضرورة.

اما المجتمع فيتجاوز في تكوينه نوعية عناصر الفرد وإن التقى في العدد. فالمجتمع هو عبارة عن مجموعة من الناس تربطهم علاقات معينة تنتظم جميع مجالات حياتهم، وهذه العلاقات النظامية لا توجد في مجتمع الا بتطبيق النظم والمعالجات التي تراها العقيدة المبدئية التي تعتنقها الأمة في هذا المجتمع. فعندما نتحدث عن المجتمع الاسلامي تصبح الناحية الاقتصادية معالجة بالنظام الاقتصادي في الاسلام، اي المنبثقة أفكاره من العقيدة الاسلامية او المبنية عليها، اي التي تراها العقيدة في المجتمع الاسلامي. كما تصبح النواحي الاخرى من حكم واجتماع وتعليم وعلاقات خارجية وغيرها معالجة بالانظمة الاسلامية ايضا. وهذا ايضا لا يعني بالضرورة اعتناق هذه الافكار المطبقة في الانظمة اعتناقا من قبل كل فرد في المجتمع. ولكن المهم ان يعتنق عدد من المجتمع تلك الافكار المطبقة ويطبق نظمها في مجالات الحياة كلها، ويرتضيها تبعاً لهم بقية افراد المجتمع نظاما لهم. وعندها سينهض المجتمع وإن لم ينهض كل فرد من افراده.

ومن خلال هذا البيان لكيفية نهضة الفرد المسلم، والأمة الاسلامية، والمجتمع الاسلامي، ندرك أهمية الفكر في الحياة الفردية والمجتمعية. وندرك أهمية أن يكون هذا الفكر مبدئياً، لأن الفكر المبدئي المشتمل على العقيدة ذات الانظمة هو الذي يعطي المفاهيم عن الاشياء في الحياة، وبالتالي ينتظم سلوك الفرد والأمة والمجتمع … وبهذا الادراك لأهمية الفكر المبدئي نلمس أهمية وجود الايمان السليم في حياتنا بعقيدة مبدئية، أي عقيدة ذات أفكار تضبط وتنظم جميع مجالات الحياة. ووجود هذا الايمان السليم يقتضي بالطبع أن نسلك طريقا سليما حتى نصل اليه، ونحققه في حياتنا كمسلمين افرادا وجماعات.
الإسلام هو المبدأ الوحيد القادر على إنهاض الإنسان والمجتمع والدولة نهضة صحيحة لأنه وحى ومصدره الخالق المدبر ، ولذلك لن تنهض الأمة إلا أن تعيد طراز حياتها حسب الإسلام فتعيد الربط بين سلوكها وعقيدتها أما إذا حاولت أن تستورد أنظمة غريبة عن الإسلام بحجة أنها لاتخالف الإسلام فإنها تكرس بذلك إنحطاطها ، وصدق عمر رضى الله عنه حيث قال " نحن قوم أعزنا الله بالإسلام وإن إبتغينا العزة فى غيره أذلنا الله ".